Tuesday, March 01, 2005

'Reformers in Jordan accused of Corruption and the Amercanization of the State' - Article by Basam Badarein in Al Quds Al Arabi

الديمقراطية الأردنية في طور الإنقسام والإصلاحيون متهمون بالفساد و أمركة البلاد
بسام البدارين
القدس العربي

عمان ـ القدس العربي ـ من بسام البدارين: رغم استمرار الجدل في الاردن حول الاصلاحيين واسباب خروج ابرزهم وهو الدكتور باسم عوض الله من الحكومة الا ان احدا بمن في ذلك عوض الله نفسه لم يتطوع حتي الان لتقديم رواية منطقية وقابلة للتصديق حول طبيعة ما يحصل في اطار النخبة الاصلاحية.
والمفارقة تجلت بوضوح عندما ترك شخص مثل عوض الله وهو وزير سابق للتخطيط لخصومه فقط الحق في رواية حدث خروجه من الحكومة كما يحلو لهؤلاء الخصوم، فالرواية الوحيدة في السوق السياسي المحلي حاليا تحت عنوان خروج الوزير عوض الله هي رواية اعدائه وخصومه الذين استرسلوا في تشويه صورته وانتاج الاشاعات حول سمعته الادارية والمالية.
ولا احد يعرف بصورة محددة لماذا يترك عوض الله الساحة بدون روايته للحدث، ولماذا يترك زملاؤه الاصلاحيون الذين كان زعيمهم الروحي الي حد ما الساحة نفسها بدون رواية ترد في الحد الادني علي روايات التشويه. والسؤال الاهم لماذا تترك مؤسسة القرار الساحة للشائعات ولا تدافع عن وزير مهم كانت قيمته المركزية تتمثل في انه يتحدث باسم الاصلاح الملكي؟ والغريب ان الحكومة نفسها لم تقل ولا كلمة واحدة دفاعا عن وزيرها المنسحب واصدقاء عوض الله لم يفعلوا ذلك.

والاغرب في الواقع ان عوض الله نفسه دخل في بحر الصمت علي امل ان ينتهي الجدل حوله، فيما لم يصمت علي الاطلاق الاخرون، واسترسلوا حتي بعد عشرة ايام من انسحاب الرجل في اختلاق الروايات التي يضطر البعض لتصديقها لانها ببساطة شديدة الوحيدة الموجودة.
والمثير في المشهد ان ما يمس عوض الله الشخص في الواقع العملي يمس كل طبقة رموز الاصلاح التي لا تتطوع وبشكل غير مفهوم للدفاع عن نفسها، ويمس بالتالي فكرة الاصلاح نفسها. فالوزراء الاصلاحيون او الذين صنفوا كاصلاحيين في الواقع متهمون الان ضمنيا اما بالفساد المالي او الاداري واما بالسعي لأمركة الاردن ولتخليصه من هويته الوطنية. والجميع بدون استثناء من رموز الاصلاح والتغيير في طبقة النخبة جلسوا وسط واحد من الاتهامين علي الاقل وبصمت مريب وبمبررات وذرائع واهية تكتفي بقيمة الترفع عن الجدل.
وهذا الواقع اصبح مقلقا ويسحب من رئيس التيار الاصلاحي والفكر الاصلاحي وبالضرورة يسحب من مصداقية الطرح الاصلاحي نفسه والاثارة تتجلي عندما يرصد المراقبون ان احدا في الواقع لم يعد مهتما بهذا النمط من الخلل، فالمستفيدون هم دوما رموز الحرس القديم والادارة الكلاسيكية واصحاب الاتهامات المعلبة مما يمكن اعتباره تقصيرا كبيرا في خط الاصلاح ورموزه. وهذه حلقة تقود الي حلقات اخري اكثر اثارة فالديمقراطية الاردنية برمتها عاشت مؤخرا تجربة فريدة من نوعها ادخلتها في دائرة الازدواجية والانقسام الغريب علي مواقف وافكار لا تقبل اصلا القسمة علي اثنين.
ومن هنا حصريا برز الاشكال الديمقراطي المتعلق بأزمة النقابات المهنية، فالمفارقة كانت اكبر من احتمالها عندما اوقفت السلطات الادارية الاردنية ثم حاكمت نقابيا بارزا ومعارضا شرسا للتطبيع اسمه علي حتر، وفي التقدير المحلي استهدفت السلطة حتر لانه من اكثر النشطاء ضجيجا ضد انحيازات الدولة السلمية وضد السياسات الامريكية في المنطقة. والمنطق يفترض ان حتر الذي كانت تطاولاته المفترضة في الخارطة النقابية من بين ذرائع السيطرة علي المؤسسات النقابية يعاقب او يحاسب لانه ببساطة شديدة ضد الولايات المتحدة واسرائيل وبيد حماة الديمقراطية الاردنية.لكن الادارة الامريكية خلقت الشرخ في ذهنية التحليل فقد اعتبر الرئيس الامريكي جورج بوش شخصيا في احد لقاءاته الصحافية النقابي حتر موقوفا بصفته صاحب رأي مطالبا بالافراج عنه فيما كانت صحيفة واشنطن بوست تخصص ربع مساحة صفحتها الاولي دفاعا عن حتر في مفارقة غير مسبوقة علما بان هذا الرجل من اشرس المنتقدين لامريكا في الوسط النقابي الاردني وبالتالي من اعداء الولايات المتحدة ويعاقب في عمان لانه كذلك قبل ان تنتفض رئاسة واشنطن وصحافتها في الدفاع عنه.
وبهذا المعني فالمشهد الديمقراطي الاردني وكذلك المشهد الاصلاحي يحتاجان لنظرة تأمل وتحديد حقيقي للأولويات والاعتبارات الا ان ذلك لا يصمد عمليا، فالاصلاحيون كما قلنا متهمون بالفساد او بالأمركة والمحافظون يحققون انتصارات صغيرة بين الحين والاخر والكلام كثير جدا عن الاصلاح لكنه لا يدخل حيز التنفيذ والتطبيق محليا، وهو ما يرصده السياسي المخضرم طاهر المصري وهو يؤكد في تعليق خاص لـ القدس العربي بان المشكلة ما زالت قائمة بين صورتين للاردن، الاولي خارجية وناصعة وايجابية واصلاحية والثانية محلية مضادة للاصلاح في اغلب الاتجاهات.
ويمكن الاستنتاج من ذلك بان ازمة الاصلاح في الاردن ان كانت موجودة تكمن في الاصلاحيين فجزء من رموز الاصلاح والتجديد يدخلون يوميا في دائرة الانقسام والجزء الاصلاحي الحقيقي يفضل الاحتماء بالعرش والاختباء وراء القصر الملكي مترفعا عن القتال في اطار الأدوات والمعادلة الشرعية للنضال داخليا باتجاه الاصلاح.
وفي ظل وضع بهذا الشكل يتجذر الشعور بان بوصلة الاصلاح في هذا البلد تائهة ومنقسمة علي ذاتها لان الاصلاحيين اما تائهون او ضعفاء او يتقبلون الاتهامات ببساطة ودون الرد عليها مما يسمح تلقائيا ببروز نظريات واجتهادات تتحدث عن حماية مستقبل المملكة وانقاذ مصالحها عبر العودة لتراثيات وكلاسيكيات الحكم والادارة القديمة وعبر التخلص من رموز الليبرالية المتوحشة وعبر عزل مفردات الاصلاح والتغيير وتخفيض سقف التوقعات والامال.
وهؤلاء المحذرون والمحافظون والمتحفظون يستخدمون يوميا في جدلهم نفس الاسطوانة التي تنظر للاصلاح والتغيير بصفته الوسيلة الوحيدة المتاحة امام صانع القرار للدخول في خارطة العالم الجديد علي المقياس الامريكي وبالتالي ووفقا لهذه الادبيات فان مفردة الاصلاح هي المعادل الموضوعي لتمرير تنازلات واستحقاقات اقليمية علي حساب الاردن والاردنيين. والاخطر والاهم من كل ذلك هو ان البلاد التي تدخل عمليا في السنة السادسة للاصلاح والتجديد والتغيير لازالت تخوض بنفس النقاشات والحوارات وبنفس الطريقة مما يعكس انطباعا سلبيا عن مستويات التقدم في العمل الاصلاحي الحقيقي رغم ان الكثير من الاشياء والمفاهيم تغيرت ورغم ان الكثير من التابوهات اخترقت او حطمت.
ويبقي ان الحاجة ملحة جدا للخروج من ازمة السؤال الاصلاحي في بلد كالاردن وحتي يتحقق ذلك لا بد من تشخيص عملي وحقيقي ونهائي لفكرة مصلحة النظام حتي تتضح الانحيازات المطلوبة وتكون الصورة خالية من الالتباس والغموض او حتي تكون الفرصة مهيأة لتشكيل هيئة لتشخيص مصلحة النظام علي الطريقة الايرانية حسب تعبير مازح استخدمه وزير سابق للاعلام.

0 Comments:

Post a Comment

<< Home